قصة حقيقية فى غزة بنات بعلوشة: افتقد بناتي الخمس وهن معي لشراء كسوة وحلوى العيد

أجواء من الحزن الشديد تخيم على بيوت الشهداء، نتيجة فقدانهم أقرباء وأصدقاء وأحبة غيبتهم الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، عدا عن استقبالهم العيد في ظل ظروف إنسانية واقتصادية صعبة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على القطاع منذ ثلاثة أعوام.

العيد هذا العام له شكل وطابع خاص.. فلم يبقِ للعيد شيئ من الفرح، سيما في أول أيامه حيث الزيارة إلى المقابر لتقبِّل الأم تراب ابنها الشهيد، بدلاً من أن يأتي هو ليقبِّل يدها ويهنئها بالعيد، ولترثي الزوجة زوجها، في مشهد يحمل بين طياته ذكريات مؤلمة لأهالي الشهداء بأمنيات ألا يأتي هذا العيد.

الحاجة أم محمد ديب ( 42عاماً ) والتي فقدت زوجها و3 من أبنائها أخذت تسترجع ذكرياتها مع زوجها وأبنائها الشهداء، وعلامات الحزن والألم تبدو جلية على وجهها فتقول: "ماذا سأقول.. إنها لحظات صعبـة وقاسية.. في هذه الأيام نبكيهم ونفتقدهم وفي كل لحظة نشتاق إليهم".

وتصارع دمعاتها قبل أن تكمل حديثها قائلةً: "إننا نبكي اليوم دماً بدل الدموع فمن يعوضنا عن أبنائنا ورجالنا والأيام الجميلة التي عشناها؟، كل شيء ذهب في لحظات، لا أدري كيف أفرح بالعيد وكل شيء قد انتهى عندما قتل الجيش زوجي وأبنائي.

مضيفة "لقد كنا في مثل هذه الأيام نجهز كعك العيد ونتشاور حول استقبال العيد وشراء الملابس الجديدة للأطفال في أجواء رائعة، والضحكات ترتسم على وجوهنا بانتظار قدوم العيد والسعادة تملأ قلوبنا.. هذه الأيام ذهبت دون أن نشعر بها، فلقد أحرق اليهود قلوبنا على أبنائنا ودمروا كل ما بنيناه من حياة سعيدة فحسبنا الله ونعم الوكيل".

يتجـدد الحـزن والأسـى

عائلة بعلوشة إحدى العائلات التي ذاقت ويلات الحرب بفقدانها خمسة زهرات ( دينا وجواهر وسمر وإكرام وتحرير ) اللواتي دمر البيت فوق رؤوسهن جراء قصف الاحتلال لمسجد عماد عقل بمخيم جباليا في اول ايام الحرب، فلم يبق لها الا الذكرى التي تمر امام الوالد أنور بعلوشة والد الشهيدات كالطيف فيقول: "يمر علينا في هذه الأيام شريط من الذكريات الجميلة التي عشتها مع بناتي الخمس، وعندما أفيق من هذه الذكريات تحلّ عليّ دموع الحسرة والحزن لفراقهن فهن أعز ما أملك في الحياة ورحيلهن صعب وقاسي".

وأضاف بصوت يعتريه الحزن والألم: "أتذكر بناتي عندما كن يجلسن حولي في هذه الأيام تحضيراً للذهاب لشراء كسوة العيد والحلوى، ويرددن الأناشيد في أجواء جميلة نستعد فيها لاستقبال العيد، ولكن كل هذه الذكريات الجميلة تحولت إلى لحظات مؤلمة وقاسية بسب الإجرام الاسرائيلي الذي حرمني الفرحة ببناتي، فحسبنا الله ونعم الوكيل".

وفي الجانب الأخر من المنزل كانت والدة الشهيدات تجلس محتضنة صور بناتها حيث عادت بذكرياتها إلى الوراء وقالت: "لقد كانت بناتي ينتظرن قدوم العيد لما له من بهجة وسرور، فهذه الأيام يخرجن فيها إلى المنتزهات والزيارات وفي أخر أيام شهر رمضان كنت أخرج مع بناتي إلى سوق جباليا لشراء ملابس العيد الجميلة لهن والفرحة تملأ قلوبنا ومنزلنا.

تضيف وقد امتزجت دموعها بالألم: "كم هي اللحظات الصعبة تلك التي نعيشها الآن بفقدانهن، فلا أدري بم سأستقبل العيد، أأستقبله بمنزلي المدمر؟، أم ببناتي اللاتي خطف الاحتلال بسمتهن من حياتي".

أما شقيقة الشهيدات الخمسة إيمان بعلوشة ( 17 عاماً ) لم تنقطع دموعها عن البكاء عندما استرجعت اللحظات الجميلة التي عاشتها مع شقيقاتها، وبكلمات متقطعة قالت:" لا أدري كيف سيأتي هذا العيد وخواتي ليس بجانبي فمع من أخرج وكيف سألهو والعب في العيد ".

وتصر كثير من العائلات في قطاع غزة علي زيارة قبور الشهداء والموتي في أول أيام العيد كجزء من العادات والتقاليد سيما ان كان اول عيد يمر على الشهيد.